📁 آخر المقالات

الكوارث الطبيعية بين النظرة الغربية والاسلامية؟

بسم الله الرحمن الرحيم نحنُ كمسلمين نؤمن بأن كل ما يُصيبنا من كوارث فهي بسبب ذنوبنا ومعاصينا كما قال الله سبحانهُ وتعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30].

الكوارث الطبيعية بين النظرة الغربية والاسلامية؟
الكوارث الطبيعية بين النظرة الغربية والاسلامية؟

بعض الناس للأسف بسبب جهلهم يظن انهُ لا يوجد ربط بين الكوارث الطبيعية وذنوب الأنسان، حيث تجدهُ يقول ان الزلازل تحدث بسبب حركة الصفاح التكتونية والتقائها ببعضها البعض، وان الفيضانات تحدث بسبب كثرة الأمطار وغيرها من هذه التفسيرات ويتجاهل علاقتها مع ذنوب ومعاصي البشر، طبعاً المشكلة ليست في التفسيرات السابقة فكثير من الناس اليوم وحتى الأطفال يدرسون كيفية حدوث الزلازل والفيضانات لكن المشكلة ان تكون نظرة ذلك الشخص تقتصر على النظر لتلك التفسيرات دون النظر الى مقاصدها الشرعية، فالله سبحانهُ وتعالى هو الذي يجعل الصفائح التكتونية تتحرك وهو الذي ينزل المطر بالكمية الذي يُحددها سبحانهُ وتعالى وذلك بسبب ذنوب البشر كما في الأية المذكورة في مقدمة المقال ولمقاصد اخرى كأبتلاء وامتحان المسلم ورفع درجات الصابرين والانذار.

ماذا قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عندما حصل زلزال في المدينة؟

قد حدث زلزال في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فجمع الناس وقال لهم : والله ما اهتزَّت إلا لأمرٍ أحدثته، أو أحدثتموه، والله لأن عادت، لا أساكنكم فيها أبدًا. فقط تأمل كيف نظر عمر -رضي الله عنهُ- للزلزال وكيف خاف منهُ واشار الى موضوع الذنوب وقارن هذا بنظرة من يقول ليس هناك ربط بين الأمرين.

قد يسأل السائل: الكافرين ذنوبهم اكثر من المسلمين فكيف يعاقب الله احياناً المؤمنين ويبتليهم ويترك الكافرين؟

يُجيب عن هذا السؤال الأستاذ فايز الكندري في فيديو بعنوان: (هل الكوارث الطبيعية بسبب ذنوب البشر؟) يقول: "المعلم احياناً يعاقب المجتهد الذي رأى منهُ كسلاً وفتوراً ويتجاهل ذلك الراسب لانهُ يأسه منهُ اصلاً، فقد يُعاقب -الله سبحانه- المؤمن ويترك الكافر لذلك المعنى، لان هذه العقوبات الدنيوية هي ليست العقوبة الكبرى انما هي عقوبة تخويفية وتحذيرية".

ثم من قال ان الكوارث الطبيعية لا تحدث عند الكافرين، الم نرى في كل عام كم تحصل من اعاصير في الولايات الساحلية الأمريكية منها اعصار ميلتون المدمر الذي ضرب ولاية فلوريدا قبل اشهر، الم نرى التسونامي الذي ضرب اليابان و14 دولة في المحيط الهندي عام 2004.

هناك امر اخر مهم يجب توضيحهُ صحيح ذكرت قبل قليل ان الكوارث الطبيعية تأتي كعقوبات بسبب ذنوب البشر لكن هناك ايضاً معنى اخر مهم هو الابتلاء فقد يُرسل الله سبحانهُ وتعالى على المسلمين الكوارث الطبيعية ليبتلهم ويرى ماذا يفعلون؟ هل يصبرون؟ وطبعاً القرآن الكريم فيه الكثير والكثير من الأيات الدالة

على هذه المعنى:

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) [محمد: 31].

(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) [الأنبياء: 30].

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

[البقرة: 155-157].

وبالتأكيد كونك كمسلم ينبغي اللا يغيب عنك معنى الابتلاء ابداً، لانك في الاساس موجود في هذه الحياة لتُبتلى وتُمتحن كما قال الله سبحانهُ وتعالى: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ) [المُلك: 2].

قد يدور الان في ذهنك بعض التساؤلات بخصوص مسائلة (الكوراث الطبيعية تأتينا كعقوبات ام ابتلاءات؟) فأنصحك ان تشاهد حلقة منشورة على قناة الجزيرة بعنوان: (موازين - الكوارث الطبيعية - بينالفهم الشرعي والإدراك العلمي) وهي حلقة نافعة وفيها الاجابة على عديد من التساؤلات التي قد تطرأ على ذهنك.

ولتفهم موضوع الابتلاء بشكل اكبر واعمق اوصيك بمشاهدة حلقة للأستاذ احمد دعدوش بعنوان: (زلزال تركيا وسورية.. حكمة الابتلاء ومعنى الحياة).

واريد الان التحدث قليلاً عن موضوع مهم لهُ ارتباط غير مباشرة بموضوعنا السابق وهو:

هل جاء القرآن لبيان الحقيقة الشرعية ام الحقيقية الكونية؟

القرآن اتى لبيان الحقيقة الشرعية لا الحقيقة الكونية؛ سبحان الله هذا معنى مهم جدًا فكم نجد اليوم اناساً يتعامل مع القرآن على انه مصدر للمعلومات لا مصدر للهداية، ولكي يتضح ما الفرق بين الحقيقة الشرعية والحقيقة اللكونية سوف اذكر المثال التالي:

اذا نظرنا لنزول المطر من حيث الحقيقة الكونية سوف نقول ان المطر ينزل من السحاب الى الأرض عندما تصبح قطرات الماء ثقيلة ولا تستطيع السحاب حملها، اما اذا اخذنا المثال السابق من حيث الحقيقية الشرعية فسوف نقول ان الله سبحانهُ وتعالى هو الذي يُنزل المطر كما قال سبحانهُ وتعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ ۚ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [الشورى: 28].

دعني هنا انبهك الى امر مهم بعد تطور العلوم الطبيعية في الغرب وظهور الكثير من التفسيرات للأمور الكونية بدأ الحرب على الدين وانتشار العلمانية عندهم بحجة اننا عرفنا التفسيرات العلمية اذن لا حاجة للدين بعد (حصل هذا الأمر منذُ اكثر من 200 سنة ولا زال مستمراً الى اليوم) وطبعاً هم يحاولون الى الأن حتى في متجمعاتنا ان يروجون لفكرة ان الحقيقة الكونية ليس لها علاقة بالدين ولا بالخالق وانما هي امور تحدث بشكل طبيعية وهذا بالتأكيد خطأ لانهم نظروا لاسباب وتركوا المسبب.

كُن على يقين بأن الحقيقة الكونية لا تتعارض مع الحقيقة الشرعية لذلك لا تجعل الحقيقة الكونية او التفسيرات الكونية تبعدك عن الحقيقية الشرعية وكن مدركاً ان الله سبحانهُ وتعالى وضع اسباباً لكل الأمور فلا تنشغل فقط بالاسباب وتترك مسبب الأسباب سبحانهُ وتعالى.

الكاتب: مصطفى الحسان

Mustafa Alhassan
Mustafa Alhassan
تعليقات