📁 آخر المقالات

الرق المعاصر

أتعجب من تلك النفس الهشة الضعيفة، النفس التي لم تتشرب من معاني الإيمان وعزة العبودية لله تعالى ما تروي به روحها الظمئة، كيف لها أن تنحط لتكون بهذا الخضوع ؟ كيف لها أن تمد يدها لمن دنس أرضها وأهان عرضها؟! كيف لها أن تبتسم في وجه قاتلها؟! كيف لها أن تنحني لتقبل اليد التي صفعتها؟!..

الرق المعاصر
الرق المعاصر

إن كان فعل الرجل الغربي فعلاً بهيمياً شاذاً عن الفطرة فإن الذي ينحني له بعد فعله لهو أشد بهيميةً منه!

تقولون، ليس منا من يرضى بهذا!! وأي عاقل يرضاه؟! بلى.. إن رجالاً يتسمون بأسمائنا، ويلبسون ثيابنا، لهم أشد خوفاً وحرصاً على القاتل منهم على المقتول!. يرتمون بأحضانه وغاية أحلامهم ودرة أمانيهم العيش في داره، والتشرب بثقافته وأفكاره، والتزلف إلى سادته وكبرائه! يذرفون الدموع الكاذبة.. يسيرون بها في جنازة المقتول صباحاً، ثم تراهم يسمرون مع القاتل ليلاً على مسلسلات الخيانة، وقد علموا وحفظوا (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)!

تراني مغضباً حنقاً.. وكيف لا أغضب وأنا أرى زهور الأمة مسترقة الروح للرجل الغربي! علمونا صغاراً ديمقراطية الغربي، وحرية الغربي، ونظافة الغربي.. ولم يعلمونا أن ديمقراطيته تعمل في مصالحه لا في مصالحنا! وأن حريته له فيما يشاء لا لنا في أدنى ما يمكن أن يسمى حقاً لنا! وأن نظافته لا تتعدا ظاهره كما لا تتعدا ابتسامة النفاق وجهه، وأن كلاهما غطاء لما يبطنه من حقد وغل على الإسلام وأهله! .. أخبرونا أنه متحضر قد بلغ من العلم غايته.. وما أخبرونا أن حضارته المزعومة إنما قامت على دمائنا وأشلاء أطفالنا، على أنقاض حضارتنا، لم نعرف ذلك حتى رأيناه بأعيننا.. عظموا المارد الغربي في النفوس فعظم، حتى صار صنماً! صنم تنصرف أقدار من مادة العبودية إليه!.. فهل نكرر اليوم ذات الخطأ؟

تقولون.. كيف السبيل؟ كيف نتحرر من هذا الرق المعاصر؟! إن العبد لا يمكن أن يتنازع فيه سيدان.. ليس له إلا سيد واحد، فمن حقق العبودية الخالصة لله، تحرر من كل عبودية ومن كل رق... وأول خطوة في هذا الطريق، أول خطوة في طريق الحرية هي أن نبقي شعلة المقاومة حية في قلوبنا، وأن نزيدها بعنجهية الرجل الغربي اشتعالاً، أن نورثها لأبنائنا وأحفادنا كما نورثهم الدرهم والدينار، وأن نعلمهم عزة الإيمان كما نعلمهم السورة من القرآن! قال السيد العزيز ذات مرة "إذا لم نستطع أن نصنع شيئا، فلنحتفظ على الأقل بأحقادنا المقدسة، ولنورثها أبناءنا، فقد يكونون في ظروف تمكنهم من رد الجميل للرجل الأبيض!".. لن تنطفئ شعلتنا ما دام فينا قلب ينبض، ينبض بالعزة الإسلامية، ينبض ببغض الكفر وحب الإيمان، لن تنطفئ شعلتنا ما دمنا نغرس في الجيل غرساً يستعملهم الله في طاعته!

أيها المسلمون.. لا تطمعوا بتحرر البدن والروح مقيدة! لا تطمعوا بعز الدنيا دون عز الآخرة! فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام مهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله! فقوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ودعوا ورائكم العويل، قوموا إلى ميادين العمل! لم يعرف الإسلام التشكي والخور يوماً.. إنها أمور أعجمية عن هذا الدين العظيم، وبقدر وقوعها في نفس المؤمن يكون بعده عن روح دينه ..فالشكوى فعل العاجز، وليس المؤمن عاجزاً! إن قوة المؤمن فرع عن إيمانه بربه سبحانه وتعالى، بربه القوي العزيز، فكيف له أن يعجز؟..

وماذا بعد؟

العالم يحتاج إلى من يُخرجه من حظائر الإلحاد والبهيمية إلى منازل الإنسانية والعبودية، إلى من يقيم العدل ويضع الموازين، إلى من يحمل الأمانة ويؤدي الحقوق، إلى من يحامي عن الحق ويدفع الباطل .. ولا يمكن -قطعاً- لشريعة من الشرائع، ولا لقانون من القوانين، ولا لنظام من الأنظمة أن يقوم بذلك غير الإسلام، "فكتابه أفضل الكتب، وشرعه أفضل الشرائع، ومنهاجه أفضل المناهج، وأمته خير الأمم"، وليس لغيره من مقومات النهضة وعوامل التغيير ما له، وليس لغير أهله في وجه النظام العالمي البهيمي حول ولا قوة، فهل وعيتم دوركم ومكانكم؟.

العالم يحتاجكم.. هذا قدركم وامتحانكم، وعليه يكون حسابكم!

فاشكروا نعمة الهداية بفضيلة العمل تكونوا بإذن الله من الفائزين

(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ)

الكاتب: عبدالله الخطيب

Mustafa Alhassan
Mustafa Alhassan
تعليقات